Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر March 30, 2023
A A A
ميقاتي فضَّل «الدولة» على الفوضى
الكاتب: حسين زلغوط - اللواء

لو لم يكن الرئيس نجيب ميقاتي رجل دولة من الطراز الأول، لكان غادر السراي الحكومي وعاد إلى بيته، بعد أن لقي ما لقيه من ردة فعل أقل ما يقال فيها انها كانت ظالمة.
فالرئيس ميقاتي لم يتسبب بخراب البصرة، ولا هو من أمر بضرب القنبلة الذرية في هيروشيما، فجلّ ما قام به انه اتخذ قرارا بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر حتى قامت القيامة ولم تقعد، وهو لم يتخذه من منطلق طائفي أو مذهبي، ولو انه كان يفكّر للحظة واحدة بأن هكذا قرارا سيشطر اللبنانيين إلى نصفين والتعاطي معه على أساس طائفي لما كان فكّر فيه للحظة، وها هو عندما شعر ان البعض من السياسيين حاول استغلال الموضوع من باب إثارة النعرات الطائفية وتوظيف ذلك في معركته السياسية سارع إلى التراجع عن القرار لأنه اختار الدولة على الفوضى، ولأنه فضّل لبنان الواحد الموحّد على مشروع التقسيم الذي عاد ليطلّ برأسه من جديد نتيجة العودة باللبنانيين إلى حقبة الحرب الأهلية.
ان عودة الرئيس ميقاتي عن القرار لم يكن على قاعدة العودة عن الخطأ فضيلة، لأنه لم يخطئ في الأساس، بل انه بقراره كشف المستور لدى جهات سياسية استغلالية ما زالت تحلم بتحقيق الفيدرالية أو تقسيم البلد، كما أنه كشف عن ان هناك الكثير من اللبنانيين الذين ما زالوا يصطفون خلف زعمائهم ان كانوا على خطأ أو صواب، متناسين أزماتهم الاقتصادية والمعيشية وانجرفوا إلى المشاركة في معركة وهمية لا ناقة لهم فيها ولا جمل بل لان كونهم مجرد وقود لنار حاول البعض إشعالها لحرق البلد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان يستأهل قرار يتعلق بساعة لا تقدّم ولا تؤخّر في بلد شارف على الانهيار الكامل كل هذا الصخب السياسي والشحن الطائفي، أم ان وراء الأكمة ما ورائها؟
نعم ان خطوة الرئيس ميقاتي بالعودة عن القرار في مجلس الوزراء قد حمى لبنان وشعبه وفوّت الفرصة على المصطادين في المياه العكرة في استغلال الدين والتكنولوجيا لغايات سياسية، وسيسجل للرئيس ميقاتي انه منع حصول فتنة في البلد نتيجة أحياء فئة من السياسيين الغرائز الطائفية خدمة لتحصين موقعهم وحجز مكان لهم في تسوية قادمة مع قابل الأيام يرون أنفسهم خارجها.
خلاصة القول ان أزمة «الساعة» قد عبرت بفعل حكمة الرئيس ميقاتي، والآمال معقود على بعض السياسيين في أن يغادروا مربع الطائفية والمذهبية والشخصانية ويعبروا الى حيث الوطن القائم على الشراكة والتوافق والعيش المشترك.