Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 30, 2023
A A A
زيادات الرواتب وحدها لا تكفي..
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

القطاع العام في الشارع: إضراب موظفي أوجيرو، تظاهرات العسكريين المتقاعدين، عدم حضور موظفي الدولة إلى الوزارات والإدارات العامة، تعطيل الدراسة في المدارس الرسمية، إستمرار الشلل في الجامعة اللبنانية، كلها مشاكل وأزمات تدور حول محور واحد: زيادة الرواتب بما يتناسب مع إرتفاع سعر الدولار، وتراجع قيمة الليرة وقدرتها الشرائية.
أخطر ما في هذه الأزمات أن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع إيجاد الحلول الناجعة لهذه المشاكل. وأثبتت القرارات العشوائية المتخذة منذ بدء الإنهيارات، بالزيادات المطردة للرواتب، أن ما يُعطى باليمين يؤخذ بالشمال، وأن الدولار الأسود يتقدم بأشواط في السباق مع المعاشات المتداعية، وأن الزيادات المتتالية تزيد من حجم التضخم، ولا تلبي حاجات الموظفين وأصحاب الدخل المحدود.
هذا الواقع المأساوي الذي أسقط الأكثرية الساحقة من اللبنانيين تحت خط الفقر، لم يكن كافياً لدفع المنظومة السياسية لتحمل مسؤولياتها الوطنية، والمسارعة في إعداد الخطط اللازمة، لإطلاق ورشة الإصلاحات، وسلوك سبل الإنقاذ.
الحل لمشاكل الرواتب المستعصية وما يتفرع عنها من أزمات معيشية، ليس في الزيادات الوهمية، والتي سرعان ما تتبخر مع قفزة للدولار الأسود. الحل يكمن في البحث عن مصادر التأزم والتفكك والتعطيل، ومعالجتها في السياسة، عبر حوارات وطنية صادقة وشجاعة، تؤدي إلى المصالحة بعد المصارحة، والخروج بخطة وطنية واحدة، تسرّع إستعادة ثقة الخارج، وتعيد اللبنانيين إلى حضن الإطمئنان لدولتهم وقدرتها على إيصال سفينة الوطن إلى شاطئ الأمان.
لم يعد لدينا ترف الوقت لتضييع المزيد من الفرص الإنقاذية، والتلهي بمبارزات دونكيشوتية، سلاحها الشحن الطائفي، ورصاصها شد العصب الحزبي والمناطقي،  وغالباً ما تنتهي بفتح المزيد من الجروح في جسد الوطن الجريح.
الزيادات الحالية على الرواتب لن تكون الخيار الأنسب، دون إتخاذ التدابير الضرورية لإعادة العملة الخضراء إلى مستواها الطبيعي، وتحقيق الإختراق المطلوب في جدار الأزمة السياسية الراهنة، ولو عبر خطوات تُنفّس الإحتقان الحالي، سواء على المستوى الرسمي، أم بالنسبة لحالة التوتر والإضرابات والتظاهرات في الشارع.