Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 25, 2023
A A A
رئيس “المرده” غير مجبر على اعلان ترشحه
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

من المفارقات في الاستحقاق الرئاسي انه يجري طرح معادلة التوصل الى رئيسي الجمهورية والحكومة في آن واحد قبل انتخاب الاول وتكليف الثاني عن طريق الاستشارات النيابية الملزمة. نعم هذا ما يحصل في لبنان حيث لا يحترم اكثر المعنيين المؤسسات الدستورية ولا مواعيد استحقاقاتها التي يجري القفز فوقها اكثر من مرة، ولا سيما بعد الطائف حيث تشعبت الصلاحيات وتداخلت في ما بينها مع تجاوز روحية الاتفاق وعدم الاكتراث لمندرجاته. يجري التداول في الصالونات السياسية في لبنان والخارج برسم معادلة انتخاب الوزير السابق سليمان فرنجيه وتكليف السفير نواف سلام رئاسة الحكومة، مع الاشارة الى ان الرجلين لا تربطهما علاقة شخصية ولا يلتقيان في الافكار ولا في التوجهات، فهُما من مدرستين سياسيتين مختلفتين ولو ان عائلتيهما تعملان في السياسة منذ عقود وكانتا صاحبتي دور في اكثر من محطة.

واذا كان فرنجيه يقوم بتحضير الارضية الانتخابية الملائمة والتي تساعده وتحصّن حضوره الى جلسة الاقتراع، فإن سلام يعمل بصمت. ولدى مفاتحته بهذا الامر يردد بأنه لم يتلق اي اشارة من اي جهة غربية او عربية في شأن حلوله في رئاسة الحكومة. وعندما يحضر الى بيروت يقوم باتصالات ولقاءات سياسية مع حلقة من الاصدقاء بعيدا من الاضواء. واذا كان المرشح الرئاسي غير مجبر على اعلان ترشحه، فمن غير المنطقي ان يعبّر الطامح للرئاسة الثالثة عن هذا الامر في الاعلام، مع التذكير بان التربع على كرسي السرايا الحكومية بات يراود عددا من الشخصيات السنية بعدما انتقلت هذه العدوى اليهم على غرار تلك المغروسة عند الموارنة. ولم يحصل اي تواصل بين فرنجيه وسلام، كما لم يطلق اي منهما اي موقف ضد الآخر، وهما يقبلان في قرارة نفسيهما باحتلال منصبي الرئاستين الاولى والثالثة حيث لا يعترضان على “مساكنة سياسية” تجمعهما ولو كانت لكل منهما مقاربته واسلوبه وبصمته في معالجة الامور. وقد تردد اسم هذا الثنائي في اكثر من لقاء في باريس وعاصمة اخرى من دون تبلور خلاصة هذا السلة. وجرى التطرق ايضاً الى الاسم الماروني الذي سيشغل حاكمية مصرف لبنان (جهاد أزعور الطامح بدوره للرئاسة) بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة.

واذا كانت ثمة مآخذ اعلامية وسياسية على فرنجيه لعدم اعلان ترشحه رسميا، فلا شيء يفرض عليه هذا الاشهار. ورداً على كل الحائرين والسائلين عن هذه النقطة، فإن رئيس “تيار المرده” لن يقدِم على اعلان ترشحه على عكس كل الكلام الذي تردد في هذا الشأن والملاحظات التي وُجهت اليه بعد اعلان الرئيس نبيه بري و”حزب الله” دعمهما له وخوض معركته. ولا موعد في أجندته لعقد مؤتمر صحافي حتى الآن، ويبقى المرشح الاول القادر على مخاطبة سائر المكونات المسيحية والاسلامية.

وتتحدث اوساط فرنجيه هنا بان لا مشكلة مع سلام او غيره. ونُقل عن الأخير قول الكلام نفسه في صالونات سياسية ضيقة ولم يخرج بأي اطلالة يتحدث فيها عن رؤيته لمسار محطتي الرئاسة والحكومة في الاسابيع الاخيرة سوى في المحاضرة التي القاها بدعوة من جمعية المقاصد في 2 آذار الجاري، والتي تناول فيها سيرورة اتفاق الطائف. ولم يقدم نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة. وتلقى شخصية سلام انقساما في الشارع البيروتي والسني حيث يعتبر كثيرون انه لم يخرج من فضاء الكتب والابحاث والنظريات، مع الاخذ عليه ان قماشته لا تتلاقى مع البيئات السنية وانه لا يعرف همومها نتيجة الأعوام التي امضاها في الخارج، على عكس وجوه نيابية وناشطة في الحقل العام تقول انها الاجدر بتحمّل مسؤوليات رئاسة الحكومة. ويتهمه مناوئوه بان اتصالاته لم تنقطع مع جبران باسيل.

من جهتها تقول اوساط متابعة ان فرنجيه مرتاح لمسار ما يتلقاه على المستويين الداخلي والخارجي، وان جملة من المعطيات تصب في مصلحته. وتتوقف عند “غرف عمليات” اعلامية تحركها أصابع سياسية – بينها اسماء في 8 آذار- لم تنفك طوال الآونة الاخيرة عن الهجوم على فرنجيه وتشويه صورته و”شيطنتها”، متناسية انه لا يعمل إلا وفق مصلحة لبنان التي يضعها فوق كل الاعتبارات. ويقول النائب السابق البر منصور ان من حق فرنجيه او غيره من الاسماء المرشحة عدم الاعلان عن ترشحهم للرئاسة، وان هذا الامر لم يتبع على مدار كل الدورات الرئاسية منذ الرئيس بشارة الخوري الى الرئيس ميشال عون، ولا توجد في القانون والدستور اي اشارة تلزم المرشح للرئاسة الاولى بضرورة الخروج على اللبنانيين والافصاح عن هذا الترشح. وما يزعج منصور هذه الايام وهو يراجع “الكتب العتيقة” في انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومات، هو اختراع مجموعة من البدع والهرطقات في مقاربة التعاطي مع استحقاق الرئاسة والدخول قبل اجرائها في اسم رئيس الحكومة المقبل حيث يحتاج الى الاستشارات النيابية الملزمة واطلاع رئيس البرلمان عليها.

وثمة مسألة اساسية تفوت الكثيرين الذين يعملون على وضع انتخاب رئيس البلاد والاتفاق على رئيس الحكومة منذ الآن، هي انه من يضمن ان الثاني سيستمر في السرايا طوال ولاية الاول. وابلغ مثال حيّ على فشل هذه المعادلة التي لم تنته مفاعيلها الى اليوم ما جرى بين الرئيسين عون وسعد الحريري حيث بدأا مشوارهما بوئام وانتهت الامور بينهما برصيد كبير من المشكلات والخلافات، ويحمّل كثيرون هنا باسيل مسؤولية كل التباعدات والمشكلات التي حصلت.