Beirut weather 16.32 ° C
تاريخ النشر January 23, 2023
A A A
تجفيف الودائع: السرقة مستمرة!
الكاتب: د. فاديا كيروز - اللواء

لا قانون الكابيتال كونترول، ولا خطة التعافي المزعوم، ولا تعاميم مصرف لبنان، وطبعاً ولا قرارات جمعية المصارف، يعملون على مراعاة بعض، (نعم «بعض» فقط) حقوق المودعين في أموالهم المنهوبة في البنوك.
تعاميم مصرف لبنان القديمة والجديدة تُكرّس بشكل واضح إستمرار عمليات تجفيف الودائع، بأقل كلفة ممكنة على المصارف وعلى مديونية الدولة، بدون الأخذ بعين الإعتبار أوضاع أصحاب الودائع، الذين سقط معظمهم إلى خط الفقر، بعدما فقدوا جنى عمرهم، و سُرِقوا من دولتهم ومن المصارف التي إئتمنوها على مدخراتهم.

والأنكى من كل ذلك، أن هذه السرقات الموصوفة، والتي لم يحصل مثيلٌ لها في التاريخ العالمي للعمل المصرفي، تتم منذ أكثر من ثلاث سنوات على عينك يا تاجر، والحكومة متلهية بإعداد ما يُسمّى «خطة التعافي الإقتصادي»، التي بقيت حبراً على ورق، ولم تنل موافقة الهيئات الإقتصادية، ولا قبولاً من جمعيات المودعين، وشكّك بجدواها صندوق النقد الدولي، ولم تصل إلى مجلس النواب لمناقشتها قبل إقرارها!
من حق أصحاب الودائع أن يتساءلوا: كيف أوجد مصرف لبنان أكثر من مئة مليون دولار لسلفة الكهرباء، في الوقت الذي عمّم على المصارف بصرف الودائع الدولارية بالليرة اللبنانية لأصحابها، وبمعدل ١٦٠٠ دولار شهرياً على سعر ١٥ ألف ليرة فقط، فيما تجاوز الدولار في السوق السوداء عتبة الخمسين ألف ليرة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف من السعر الرسمي في المصارف!
وكيف ضغط رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون على الحاكم رياض سلامة لإنفاق ٢٣ مليار دولار بأقل من سنة، على دعم السلع المستوردة، والتي ذهبت إلى جيوب كبار التجار والصناعيين، ومعظمهم من الأزلام والمحاسيب، والبضائع المدعومة وصلت إلى الكويت شرقاً، وإلى أبيدجان غرباً!
هل يعلم أصحاب هذا القرار الملتبس أن المليارات التي أنفقت تساوي ١٥ بالمئة تقريباً من مجموع الودائع، ولو تم صرف ١٥ بالمئة من قيمة كل وديعة لصاحبها، لكان لبنان أنقذ القطاع المصرفي من التعثر الحالي، وحافظ على الثقة الداخلية والخارجية بالبنوك اللبنانية.
من المحزن القول عن أهل الحكم: أن حاميها حراميها.. وأن الشعب المنكوب هو دائماً الضحية!