Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر August 17, 2024
A A A
ماذا قال بري عن عودة هوكشتاين الى لبنان بعد مفاوضات غزّة في الدوحة وليس قبلها؟
الكاتب: دوللي بشعلاني

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”

إستبق كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزّة التي جرت يومي الخميس والجمعة، والذي يُعتبر مفتاح وقف المواجهات العسكرية بين حزب الله و “إسرائيل” عند الجبهة الجنوبية، ليعود الى بيروت الأربعاء قادماً من لندن، بعد الزيارة التي قام بها الاثنين الى تلّ أبيب. ولم ينقل هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين أي رسائل جديدة، بل كرّر ما قاله في زيارته السابقة الى المنطقة في 18 حزيران الفائت. ولعلّ أهمّ ما صرّح به هو “أنّ الحلّ الديبلوماسي يمكن تحقيقه، لأنّ أحداً لا يريد الحرب الشاملة، وأنّه لا يزال بالإمكان تجنّبها”… غير أنّه لم يشرح كيف يمكن تجنّب هذه الحرب الشاملة، ولم يحمل أي حلول. في الوقت الذي ترفض فيه جبهة المقاومة الربط بين ردّها على “إسرائيل” على عمليتي اغتيال فؤاد شكر واسماعيل هنية، وبين “مفاوضات الدوحة”.

 

مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بعد لقائه هوكشتاين قال، على ما أفادت المعلومات، إنّه كان على هذا الأخير تأجيل زيارته الى لبنان الى ما بعد “مفاوضات الدوحة”. وهذا يعني أنّه إذا ما كان يأمل منها أن تؤدّي فعلاً الى وقف إطلاق النار في غزّة، أن ينتظر تنفيذ هذا الأمر، ومن ثمّ العودة الى لبنان لبحث الاتفاق الإطاري المطروح على الطاولة للحلّ الديبلوماسي الذي من شأنه إعادة الهدوء والاستقرار الى الحدود الجنوبية، وتأمين عودة الأهالي الى القرى الجنوبية، والمستوطنين الى المستوطنات الشمالية. وعلى ما يبدو، فإنّ بايدن يستعجل الحلّ في المنطقة وعدم توسّع الحرب الشاملة إذ من شأنها، في حال وقعت، تسهيل وصول دونالد ترامب مجدّداً الى البيت الأبيض، وليس نائبته المرشّحة بدلاً عنه للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس. ولكن من دون أن يتمكّن من فرض حلّ لوقف النار في غزّة يرضي جميع الأطراف.

ولم تحمل الزيارة الخامسة لهوكشتاين الى لبنان منذ بدء المواجهات العسكرية جنوباً في 8 تشرين الأول الفائت، أي مقترح جديد، على ما أكّدت، لأنّ لبنان سبق وأن أبلغه أنّ الأولوية هي لوقف إطلاق النار في غزّة، قبل البحث في مسألة الحدود البريّة، و “جبهة الإسناد”. وبدا حضور الوسيط الأميركي، بحسب المراقبين، عادياً وضعيفاً، واعتبروا زيارته هذه “لزوم ما لا يلزم”. كما أنّ استقباله لم يكن بهذه الحفاوة، وما طرحه يدخل في إطار تبنّي وتسويق مبادرة بايدن. أمّا المطالبة “الفورية” بوقف إطلاق النار (في جنوب لبنان فقط أو في غزّة أيضاً)، فأمر يوحي بـ “التهديد” لا بمحاولة إيجاد الحلول.

أمّا نيات الولايات المتحدة الأميركية التي نقلها هوكشتاين الى المنطقة، فستُترجم، على ما شدّدت المصادر نفسها، في اجتماعات الدوحة وما ستُفضي إليه. وسيظهر للجميع إذا ما كانت المساعي الأميركية والإقليمية والعربية ستؤدّي فعلاً الى اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في غزّة، أم سيبقى “الإسرائيلي” على موقفه من “توسيع الحرب في المنطقة”… فالتصعيد عند الجبهة الجنوبية تضاعف في الأيام الأخيرة، وبقي مستمرّاً خلال وجود الموفد الأميركي في بيروت، ما أوحى بأنّ هوكشتاين لم يضغط على “الإسرائيلي” للتراجع عن فكرة التصعيد الذي وصل الى مداه الأعلى.

وتساءلت في الوقت نفسه، عما تعنيه عبارة “الحرب الشاملة” بين لبنان و “إسرائيل”؟ هل تعني زيادة وتيرة العمليات العسكرية، أم دخول دول جديدة في الحرب مباشرة، أم اختبار أهداف أخرى لم يصلها بنك الأهداف بعد؟ وهل تقود بالتالي الى احتلال عواصم وإجبار الخصم على الاستسلام، أم ماذا؟! في حين أنّ قطاع غزّة لا يزال يقاوم منذ أكثر من 10 اشهر، وكييف لم تسقط في يدّ الجيش الروسي؟ كما سألت عن أهداف هذه الحرب بالنسبة لكلّ طرف، فهل يمكن تحقيقها، وفي كم من الوقت؟!

وعن الحلّ الديبلوماسي الطارىء والملحّ بعد النزاع بين حزب الله و “إسرائيل” الذي استمرّ لفترة طويلة، على ما أعلن هوكشتاين، تقول المصادر عينها، انّه هو نفسه الذي سبق وأن وضعه هوكشتاين على الطاولة، ورفضه “الإسرائيلي”. ولهذا لا بدّ من وقف حرب غزّة أولاً، وإقناع هذا الأخير بالموافقة على تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، وبوقف طلعاته الجوية فوق الأراضي اللبنانية، ووقف خروقاته واعتداءاته المستمرّة على السيادة اللبنانية والتي بلغت أكثر من 1500 خرق منذ بدء المواجهات عند الجبهة الجنوبية. فضلاً عن انسحاب قوّاته من الأراضي المحتلّة لا سيما من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر.

وترى أنّ بايدن طلب من هوكشتاين العودة الى لبنان قبل مفاوضات غزّة في الدوحة، وقبل عقد صفقة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، ليستقصي من المسؤولين اللبنانيين، وفق المعلومات، إذا ما كان حزب الله يمكن أن يوقف ردّه على “إسرائيل” في حال نجاح هذه المفاوضات. كما يجري التواصل مع إيران لوقف توجيه أي ردّ على “إسرائيل” أيضاً، إذا ما جرى التوصّل الى إبرام هذا الاتفاق. غير أنّ طهران أعلنت أن لا علاقة بين الردّ على اغتيال هنية وبين مفاوضات غزّة. ّوالأمر نفسه صرّح عنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير عندما فصل بين الردّ على اغتيال شكر، وبين المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية… ولا تزال المحاولات جارية لتغيير موقف جبهة المقاومة من الردّ على اغتيال هنيّة وشكر..

فالصفقة في غزّة، على ما أشارت المصادر، يمكن أن تساعد على الوصول الى حلّ ديبلوماسي في لبنان، وأن تمنع مواصلة التصعيد جنوباً. ولكن لا بدّ أولاً من إبرامها بين حماس و “إسرائيل”، من خلال منع “الإسرائيلي” من وضع الشروط التعجيزية بهدف نسفها، على غرار ما حصل في المفاوضات السابقة. وعلى ما يبدو فإنّ المفاوضات الحالية لن تؤدّي الى الاتفاق الموعود بسبب التعنّت “الإسرائيلي”… فإذا كان حان الوقت لإنهاء الصراع الآن، وإذا كانت الولايات المتحدة فعلاً لا تريد حرباً شاملة في لبنان والمنطقة، فعليها والدول المعنية، الضغط على جميع الأطراف لا سيما على “إسرائيل” لوقف إطلاق النار فوراً، وليس التفاوض بالعودة الى نقطة الصفر، بعد أن جرى التوافق على الورقة الفلسطينية المقدّمة في 2 تمّوز الفائت من قبل الطرفين.