Beirut weather 22.03 ° C
تاريخ النشر May 9, 2025
A A A
زيادة التعويضات للأعمال الانتخابية: خطوة متأخرة بمنزلة رشوة
الكاتب: فؤاد بزي

كتب فؤاد بزي في “الأخبار”

رفع مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة مطلع أيار الجاري التعويض الخاص برؤساء أقلام الاقتراع من 3 ملايين و600 ألف ليرة بدل المشاركة في كلّ يوم انتخابي، إلى 18 مليوناً و900 ألف ليرة.

كما زاد بدلات الكتّاب (مساعدي رؤساء الأقلام) من 3 ملايين و400 ألف ليرة إلى 17 مليوناً و100 ألف ليرة. وبموجب القرار الجديد، سيتقاضى الاحتياطيون من رؤساء الأقلام والكتّاب مبلغ 9 ملايين ليرة بدلاً من المليون ونصف المليون ليرة.

ولكن خطوة الحكومة لرفع التعويضات الخاصة بالموظفين أتت متأخرة وناقصة وأشبه برشوة لتشجيع الموظفين على المشاركة الإلزامية بعملية دائماً ما كانت اختيارية. فالفوضى هي سيدة الموقف في دوائر الموظفين المكلفين بمتابعة الأعمال الانتخابية.

إذ لم يُسأل الموظفون، كما جرت العادة، عن رغبتهم في المشاركة من عدمها. وأُرسلت لوائح إلى مراكز عمل الموظفين غير مدققة ومليئة بالأخطاء وتحتوي على آلاف الأسماء، وأرفقت برسائل تهديد ووعيد في حال عدم الالتحاق.

على سبيل المثال، أرسلت المديرية المشتركة في وزارة التربية لوزارة الداخلية أسماء 5281 أستاذاً للمشاركة في الأعمال الانتخابية البلدية في الجولة الأولى منها في محافظة جبل لبنان.

الموظفون يتردّدون في المشاركة في تنظيم الانتخابات البلدية

وأصبح لزاماً على الموظفين تدقيق لوائح «الأكسل» الضخمة للتفتيش عن أسمائهم ومراكز تسلّم الصناديق الانتخابية. وبعد التدقيق في اللوائح ظهرت مجموعة أخطاء غير مبرّرة.

مثلاً، أدرجت وزارة التربية في لوائحها أسماء 273 أستاذاً محالاً إلى التقاعد في الأعوام الثلاثة الماضية. ورغم المراجعات، أعادت وزارة التربية الكرّة نفسها في التحضير لانتخابات محافظتَي طرابلس ولبنان الشمالي، إذ أرسلت لوائح «أكس» ضخمة، فيها أسماء 4766 أستاذاً، 63 منهم محالون إلى التقاعد، وعدد آخر منهم متوفون.

لم تقتصر فوضى توزيع رؤساء الأقلام والكتّاب على الأساتذة، بل طالت الموظفين الإداريين أيضاً، إذ ألزمتهم إداراتهم بالالتحاق بوزارة الداخلية في الأيام الانتخابية.

وتُعيد مصادر الداخلية السبب في عدم سؤال الموظف عن رغبته في المشاركة من عدمها إلى «التناقص الكبير في أعداد الموظفين في ملاك الدولة من جهة، وكثرة أعداد الصناديق في الانتخابات البلدية من جهة ثانية».

وبسبب عدم اعتماد معيار محدّد للاختيار، رفض عدد من الموظفين والأساتذة المشاركة في العملية الانتخابية، فالراغبون في المشاركة استُبعدوا، وغير الراغبين استدعوا.

ورغم التهديد الواضح في التعاميم الوزارية بالحبس ودفع الغرامات، إذ ذكر تعميم مديرة الشؤون السياسية في وزارة الداخلية أنّ «كلّ موظف يتخلّف من دون عذر مشروع عن الالتحاق بمركز قلم الاقتراع يعاقب بالحبس مدّة شهر واحد، أو بغرامة قدرها مليون ليرة». أصرّ عدد من الموظفين والأساتذة على عدم تكرار المشاركة في تنظيم العملية الانتخابية، وشكوا من تمييز وسوء تعامل معهم من قبل القوى الأمنية، وتكليف موظفين في محافظات بعيدة مئات الكيلومترات عن أماكن سكنهم.

مثلاً، لفت ممثل وزارة المالية في تجمع الموظفين حسن وهبة إلى أنّه يقيم في منطقة جويّا في صور، وجرى تكليفه القيام بمهمة رئيس قلم في قضاء الضنية في عكار، علماً أنّه لم يبد رغبة بالمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية.

ولفت وهبة أيضاً إلى «التعامل المهين للقوى الأمنية مع الموظفين المكلّفين في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية، فقام أحد الضباط من القوى الضاربة في قوى الأمن الداخلي بدفع رؤساء الأقلام في سراي عاليه بغية التخفيف من الازدحام وتنظيم صفوفهم».

وفي هذا السياق، أكّد عدد من الأساتذة لـ«الأخبار» عدم رغبتهم في المشاركة. وخوفاً من سيف الإجراءات العقابية سيعمدون إلى تأخير وصولهم يوم السبت المقبل إلى مراكز تسلّم الصناديق الانتخابية بغية تسجيل أسمائهم كحاضرين، إنّما على لوائح الاحتياط.

ويذكر أنّ الخطوة الحكومية أتت لتعديل تعويضات الموظفين المنتدبين للقيام بالأعمال الانتخابية نتيجة لمراجعة من وزارة الداخلية، والتي أفادت الحكومة بأنّ «المرسوم 8974 الصادر عام 2022، والخاص بتحديد تعويضات الموظفين، لم يعد صالحاً»، إذ «لم تعد تكفي التعويضات لحث الموظفين على المشاركة في الأعمال الانتخابية، ولم تعد تتناسب مع الأوضاع المعيشية الحالية»، وفقاً لرسالة وزير الداخلية أحمد حجار للأمانة العامة لمجلس الوزراء.

ولفت الحجار أيضاً في رسالته لتوافر الاعتمادات اللازمة للانتخابات في موازنة عام 2025، وقدرها ألف مليار ليرة، كما ونقل اعتماد إضافي بقيمة 300 مليار ليرة من احتياطي الموازنة، ما يغطي الاحتياجات كافة.