Beirut weather 33.41 ° C
تاريخ النشر March 29, 2017
A A A
تحذيرات برّي من شرارة حرب فعلت فِعلها إقليمياً ودولياً
الكاتب: حسين زلغوط - اللواء

في الوقت الذي ينشغل فيه لبنان بأمه وأبيه بالخلافات حول جنس ملائكة قانون الانتخاب، واستخدام الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب كسلاح فعّال في معاركهم السياسية، ونبش الادراج وإخراج الملفات التي تدور حولها شبهات فساد – وإن بشكل استنسابي – توظف إسرائيل كل قوتها «الاحتيالية» والدبلوماسية للاستفادة من هذه الفرصة لسرقة الثروة اللبنانية من النفط والغاز، وهي وفق التقديرات لن تتوانى عن استخدام القوة للوصول إلى هدفها، وإن كانت على علم اليقين بأن رد المقاومة لن يكون سهلاً، وربما أدى إلى توقيف أي عملية تنقيب واستخراج باشرت بها، وهي تأخذ اي ردّ فعل للبنان بالحسبان، وقد ترجم هذا الخوف من خلال رفض تل ابيب طلب شركتي «نوبل انرجي» الأميركية و«دليلك» الاسرائيلية اذناً بالتنقيب في المنطقة المتنازع عليها، وذلك خشية اي تداعيات أمنية وفق ما اوردته صحيفة «يديعوت احرونوت».

وفي الوقت الذي لا تهدأ فيه إسرائيل في البحث عن السبل الآيلة إلى أخذ الحصة الأكبر من النفط والغاز وحرمان لبنان من هذه الثروة، إن هي استطاعت، فإنها تقوم باتصالات مكثفة مع الإدارة الأميركية مستغلة انحياز الإدارة الجديدة للولايات المتحدة الى جانبها للقيام بأية تسوية تُلبّي الرغبة الإسرائيلية في الحصول على هذه الثروة بعيداً عن أية تهديدات تطالها من اي جهة كانت. وبالفعل تجاوبت واشنطن مع الرغبة الإسرائيلية الا أن تل ابيب رفضت مقترحاً اميركياً باعتماد الخط الأزرق البحري على غرار الخط الازرق الذي اعتمد بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في العام ألفين، وهو ما ابقى الأمور تدور في حلقة مفرغة وانفتاح الأوضاع على كل الاحتمالات.

وقد المح رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى ذلك من خلال تحذير شديد اللهجة أعلنه منذ أيام في حال أقدمت إسرائيل على قضم حقوق لبنان وملكيته البحرية حتى لو كان ذلك مقدار شبر واحد. وقد ذهب إلى ابعد من ذلك من خلال جديته عن شرارة حرب تلوح في الأفق حيث لن يسكت لبنان ولن يقبل بالتنازل عن حقه في هذه الثروة التي هي بالنسبة إليه باتت في مرتبة القداسة.

* الثروة النفطية بين سندان التفاهم السياسي المتأرجح ومطرقة الأطماع الإسرائيلية.

هذا التحذير القوي لرئيس المجلس لم يمر مرور الكرام عند من يفهم الأمر، بل إن سفارات أجنبية ولا سيما الأميركية منها وضعته على مشرحة التحليل، وهي أيقنت أن هذا الكلام جدي، ويجب عدم اهماله وأخذه في الحسبان، خصوصاً وأن التجارب السابقة تؤكد بأن لا مزاح مع الرئيس برّي ولا مع المقاومة ولا مع الجيش اللبناني، وغالبية الأفرقاء السياسيين في لبنان تجاه اي خرق إسرائيلي إن على المستوى البري او البحري وحتى الجوي، حيث تراجعت الطلعات الجوية للطيران الإسرائيلي كثيراً عن الأجواء اللبنانية في الآونة الأخيرة، بفعل التقنيات الحديثة التي باتت تملكها المقاومة والتي قد تطال هذه الطائرات في حال استمرت في خرقها للأجواء اللبنانية.

وبما أن لبنان بات على الخارطة النفطية ولم يعد بإمكان أحد تجاهل هذا الواقع الذي في حال أحسن لبنان التعامل معه أن ينقله من حال العجز والمديونية إلى رحاب البحبوحة والازدهار، فإن مصادر سياسية متابعة تؤكد بأن لبنان لن يسمح بأن يكون ذلك لقمة سائغة في الفم الإسرائيلي، وهو سيتفرغ بعد طي استحقاقاته الداخلية من قانون الانتخاب إلى المتوازنة، وصولاً الى السلطة والتعيينات الادارية والدبلوماسية لملاحقة هذا الملف في المحافل الدولية واتخاذ كل الإجراءات الآيلة للاحتفاظ بهذه الثروة المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات، مع العلم ان هذا الملف غير متروك وهو يتابع من المعنيين بشكل مدروس وواقعي.

* شركة بريطانية تؤكد أن الاحتياطي المتوسطي من النفط هو الأضخم  في العالم والحصة الأكبر فيه للبنان.

وأشارت المصادر إلى أن موضوع النفط يدرج في اغلب الأحيان على جدول اعمال المسؤولين اللبنانيين خلال لقاءاتهم مع الموفدين الدوليين، وبات من المسلم به أن اي من الدول ليست في وارد انكار حق لبنان في هذه الثروة، لكنها تتهيب الموقف الاسرائيلي وتحاول الوقوف على رأي إسرائيل من دون ان تملك القدرة على تمكين تل أبيب من الوصول إلى هدفها في سرقة هذه الثروة وتحويلها الى صالحها لكي يبقى لبنان غارقاً في ديونه ويقف على رصيف انتظار المساعدات من هنا وهناك، مع الإشارة الى ان المسح الذي حصل حول 70 بالمائة من مياه لبنان، وتحليل نحو 10 بالمائة منها، تبين من التقديرات الأوّلية ان لدى لبنان 30 تريليون قدم مكعب من الغاز و660 مليون برميل من النفط. وتوضح احدى الشركات البريطانية ان هذا الاحتياطي المتوسطي من النفط هو الأضخم في العالم حتى اليوم، ويعطي لبنان الحصة الأكبر بين الدول المستفيدة وهي لبنان وقبرص وإسرائيل.

وتؤكد المصادر ضرورة أن يحافظ لبنان على حقه من الثروة النفطية وعدم اضاعته بين سندان تأرجح التفاهمات السياسية الداخلية، وبين مطرقة الأطماع الإسرائيلية، لأن هذا الموضوع هو بمثابة الخرطوشة الوحيدة التي يمتلكها لبنان والتي من خلالها يستطيع الخروج من نفق العجز والمديونية وأن يحتل موقعاً متقدماً بين الدول التي توصف بالدول النفطية.